يروي الظامي اللي عطش فنجال ما = وظامي الحب ما يرويه نهرٍ قراح
من الصعب على الإنسان إيجاد تعريف موحد للحب لما يتميز به من صفات متقلبة في
حياة كل إنسان ، ليس لها أغراض أو أشكال تدل عليها ، فعلى سبيل المثال : الألم هو صفة من صفات المحبين ، فكل محب يتألم ويئن ويبكي ، ولكن ليس كل من يتألم يحب .
وقد اجتهد كثير من الأدباء لوضع بعض الأبواب التي تفتح إلى آفاق أرحب لمفهوم الحب ، فبعضهم أكد على أن كلمة الحب مأخوذة من حبة القلب وهي سويداؤه ، ويقال ثمرته ، فسميت المحبة بذلك لوصولها إلى حبة القلب .
ولا طالما ارتبط الحب بالشوق والحنين واللقاء والفراق والفرحة والحزن والرغبة والرهبة والاعتذار …
لذا يقول شكسبير :
\" ساعتنا في الحب لها أجنحة ، ولها في الفراق مخالب \" .
وقد عرّفه الأديب منير عامر بقوله :
\" الحب كعاصفة له أكثر من وجه ، إنه كغرفة المرايا السحرية التي يرى الإنسان نفسه فيها وهو يضحك مرة ويبكي مرة أخرى ، لكن كيف يصل الإنسان إلى تمييز مشاعره ؟ \"
ويقول ابن الدمينة :
\" هل الحب إلا زفرة بعد زفرةٍ = وحرٌ على الأحشاء ليس له برد \"
ومن لم يجرب الحب فإنه غير قادر على الوصول إلى ماهيته :
\" لا يعرف الشوق إلا من يكابده = ولا الصبابة إلا من يعانيها \"
وقد يصيب الحب بالجنون حيث يقول مجنون ليلى :
\" قالوا جننت بمن تهوى ، فقلت لهم = العشق أعظم مما بالمجانين
إني جننت فهاتوا من جننت به = إن كان ينفي جنوني لا تلوموني \"
وقول جميل بثينة :
\" لو تعلمين بما أُجنُ من الهوى = لعذرتِ أو لظلمتِ إن لم تعذري \"
وقد سرد لنا التاريخ عدد من تجارب المحبين كأمثال عنترة بن شداد وكثير عزة وعمرو بن أبي ربيعة وغيرهم .
وفي عصرنا الحالي تجلت عدد من التجارب الشعرية التي ناقشت الحب بعفوية واعية وبساطة البدوي العفيف ، ومن تلك التجارب تجربة سمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد آل سعود ( السامر ) ، حيث كانت نظرته للحب من منظار خاص :
حبك وطن والقلب مفتون بترابه =مشاعري والشوق كيف اقدر امنعها
عندما يكون الحب رمزاً للانتماء يبذل المحب من أجله ما بوسعه لتحقيقه وصونه من العوامل التي تهز مكانة هذا الانتماء الراقي .
وهنا السامر يعطي صورة رائعة للحب ربطها بخلجات القلب ومتطلبات الروح البشرية التي تسعى لتحقيق الانتماء .
فالوطن حضن دافئ للإنسان وملجأ بعد الله لإشباع متطلباته الوجدانية وحتى الاجتماعية .
يقول أحمد شوقي :
وطني لو شُغلتُ بالخلد عنه = نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني= شخصه ساعةً ولم يخل حسي \"
وفي رؤية للحب من زاوية أخرى يقول السامر :
حبك سكن في عين ما شافت إلا به =أهمس واشوفك صوت همساتك أسمعها
تخيل أنك كفيف لا ترى ..
يا لها من نعمة عظيمة نعمة البصر ، بدونها تعيش بعيداً عن الحياة المفعمة بالجمال ، بدونها تعيش حياة قاسية .
وهنا يضع السامر الميسم على الجرح ، ويثير عاطفة جياشة نحو البصر ، ومدى حاجتنا لوجود هذه النعمة .. ومدى حاجتنا لنعمة الحب التي سكنت بين سويداء العين وأصبحت جزءاً من مكوناتها بذهابه يذهب البصر .
لذلك لا يرى المحب محبوبه إلا من خلال عين الحب .. لذا يرى أنه الأجمل .. حتى ولو امتلأ بالعيوب ..
مثل ما قال المثل العربي : \" حبك الشيء يُعمي ويصم \" .
وقول الشافعي :
\" وعين الرضى عن كل عيبٍ كليلةٍ = ولكن عين السخط تبدى المساوئا \"
ويقول السامر في رؤية ثاقبة ووعي فكري ولغوي :
الميلاد حياة جديدة .. وصباح مشرق بالتفاؤل والأمل والسعادة .. تذوب تحت قدميه وشائج الظلام .. وتتكسر بين كفيه سهام الغياب .. وحرقة الأشواق ، وصبر العشاق .. فكيف إذا كان هذا الميلاد يعلن عن صباح حب يافع ، ساق الموت بين أشواقه لمتيمٍ استبشر بهذا الميلاد .. وأقام من أجله الأعياد .. حتى ولو كان هذا الميلاد دعوة للموت .
يقول المثل الفارسي : \" الحياة حلم يوقظنا منه الموت \"
ويقول إليا أبو ماضي :