يشكل جمال الشعر الفني ، الأسلوبي على وجه التحديد بالإضافة إلى غنى المضامين و عمق المعاني ، معادل السامر الموضوعي ، هذا المعادل الذي يمنح القصيدة ألقها و تميزها و سرعة وصولها إلى وجدان و قلب المتلقي .
و لغل جمال الأسلوب الفني و روعته هو أهم سمة تميز خطاب السامري الذي يشبهه الدكتور حمد الدخيل بـ ( باقة عطر ) .
و يشبهه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بـ ( باقة من قصايد الشعر النبطي ) .
و أدعو المتلقي متعة جمال الأبيات التالية :
يقول السامري :
على عرش الهوى و الملح ربي كملك بوسام = وسام المنطق الباهي على كل الحكي يزهاك
أبفرش لك حرير الشوق أبيك تسير الأقدام = على دربي و بأفرش لك ورود الحب في دنياك
و يقول سموه في قصيدته الرائعة (( الرموش اللي وقوف )) :
خلني بين الرموش اللي وقوف = تحت منثور الشعر عند الجبين
لجل عينك يا حبيبي ما تشوف = غير زولي كل وقت و كل حين
و لله در السامر الذي يرسم هذه الصورة الرائعة :
يا مملكة قلبي و روحي و نجواي = و الهاجس اللي يبعد الناس و أدناك
عليك أهز الرأس و أعضض شفاي = أسابق شفوفي على كل ما أرضاك
أمد لك في غفوة النوم يمناي = و إن قمت أحلى طعم ريقي بطرياك
عطشان في حبك مواريد مظماي = أظمأ على شان أني آرد على ماك
يا شمس صبح الحب يا نور دنياي = في ليل عمري يا قمر شع مسراك
يا فرحة أيامي و يا عيدها الجاي = قبل أعرفك كنت أتخيل حلاياك
و يقول في قصيدته (( وقف هوانا)) :
أرسمك ضيء يقهر الجدي و سهيل = و أسلمك كل النجوم بيمينك
ابيك تسترني عن الناس بالليل = وقف هوانا بين جيدك و عينك
ويقول في قصيدة (( سيد الغنادير )) :
تغل يا سيد الغنادير و أغليك = و أجيب لك عمر الهناء في كفوفك
يجوز لي يا زين منك تغليك = و افهم و أقدر يا حبيبي ظروفك
و هكذا تكون قصائد السامر لوحات رائعة الجمال تنبض بجماليات الحياة و روعة المعاني العميقة و الحميمة المنبثقة من صميم المشاعر الوجدانية النبيلة .
الخيل
اعتز الإنسان العربي بالخيل منذ أقدم العصور و أنزلها المكانة اللائقة التي تستحقها فهي صديقة العربي في حله و ترحاله . و من خلال قصائد سموه تتبدى لنا جليا ً المكانة العظيمة للحصان العربي الذي أحبه السامري حبا ً جما ً ،
يقول سموه :
أركب على شقر المهار العسايف = وانطح وجيه القوم سابق و مسبوق
و أرد فارس لهفه الروح عايف = و أكتب على كل الزهر زاهي الشوق
و يقول مفاخرا ً بالخيل :
الخيل روح العز و المجد و الكار = نواصي ٍغر ٍ بها الخير معقود
نفخر بها في يوم بيعات الأعمار = إلى وقفنا بين حاوي و مردود
كم واحد ٍ نال الشرف غقب ما غار = مغار خيل و جات بالعسر و الكود
إن روحت تأطأ على حامي النار = و إن أقبلت تأطا على زهور و ورود
في وصفها يتعب بيانك و تحتار = أموردة قلب من الغبن ملهود
شره النظر فخره بشرهات الأنظار =
مذكورة ٍ بالخير في ذكر الأذكار = هي زينة الدنيا على كل ما رود
و يقرن المجد بالخيل ،يقول سموه :
أصايل الخيل تختال بغنايمها = و المجد وجه الأصايل هج بيبانه
الخيل فالمعترك خسران لا يمها = يسوقها الشوق سوق الحي وجدانه
و يقول في قصيدته (( شوفة الخيل)) معبرا ً عن عميق حبه للخيل و مبينا ً منزلتها الرفيعة في نفسه :
أنا هواي و رغبتي شوفة الخيل = لا شفتها اذكر ٍ ماضي يرفع الراس
عندي منازلها ورا الجدي و سهيل = جواهر فوق الجواهر كما الماس
كم فارس ٍ من فوقها عدل الميل = بالسيف هو و الدرع و الرمح و الطاس
خيل تدفق في المعارك كما السيل = يسبق مزاعج ركضها زعج الأنفاس
وهكذا كانت للخيول مكانة أثيرة و كبيرة في قلب و في شعر سمو الأمير عبد العزيز الذي خصص جائزة في الشعر النبطي لوصف الخيل و ذلك تشجيعا ً للشعراءعلى وصف الخيل في أشعارهم و التغني بصفاتها ، و الإشادة بجمالها و قوتها .
تغنى الشعراء على مر العصور بالمرأة الحبيبة، و كانت المحور الأكثر أهمية في أشعارهم ، و لا غرابة في ذلك فالحب شعور إنساني من اصدق و أجمل المشاعر الإنسانية على الإطلاق.
و يشغل الحب و الغزل شطراَ واسعاَ من أشعار سمو الأمير عبد العزيز بن سعود ين محمد آل سعود حتى ليطغى على ما سواه .
وشعر( السامر) الوجداني شعر جميل يطفح بالعذوبة و الحيوية و النقاء ، شعر يحرك المشاعر و يحفز الأحاسيس و يوثب المخيلة و يجمل الوجدان.
و يحتفي (السامر) احتفاءَ حميماَ بكل الأشياء الجميلة و الساحرة و الدافئة ، فيعيد للحب اعتباره و للمشاعر النبيلة روحانيتها ، و للعشق صدقه و لهفته و شفافيته . يقول سموه مفاخراَ بالحب :
أول أفاخر بحبك وأرفعه = وأفرح بطرياك إلي جابو مجال
واحسد اللي دايم تجلس معه = بين عطفك يا حبيبي و الدلال
ولعلي لا أجانب الصواب البتة عندما أدعي و بثقة مطلقة أن سموه شاعر الحب بامتياز ، إذ تنبض حروف قصائده كافة بشتى ألوان الحب ، حب الوطن و رموزه ، حب مدينة الرياض ، حب الطفولة ، حب الخير و الفضائل الحميدة ، حب الصحراء ، حب الأهل ، حب الحبيب ، ودائما ....دائماَ حب الإنسان في كل مكان
و سنقف في هذه الدراسة عند جوانب متعددة من شعر سمو الأمير عبد العزيز الوجداني و الغزلي .
ماهية الحب وطبيعته :
يحدد سمو الأمير عبد العزيز في كثير من قصائده الوجدانية ماهية الحب الذي يؤمن به و يتغنى بجماله ، إنه حب كبير يمتد عرشه الرومانتيكي على امتداد الفضاء و الكواكب ، يقول سموه:
حبنا يملا الكواكب و الفضاء = و عرشنا عانق زحل و المشترى
و لعل أجمل خصيصة من خصائص الحب التي يحبذها سموه هي الشوق الذي يتبدى جميلاَ وآسراَ و ساحراَ في عيون الحبيب ، يقول :
أجمل الحب شوق في عيون الحبيب = كل ما ولد يمك بالمحبة يفيض
و لعل صورة الحب السامرية تبدو أكثر وضوحاَ في الأبيات التالية :
أحبها حبي لخمس الصلوات = و أحبها حب العرب شبة النار
أحبها حب الوحش للمنيفات = و أحبها حب الطبيعة للأمطار
محبةٍ يشرب بها الشوق الأوقات = و تمر عجلة و الظما بالرجا حار
و تتجلى عظمة الحب في أبهى صورها و أجلى معانيها في البيت التالي :
أحبك الماء لروحي يوم يظميها = أعظم سؤال يواجهني من أيامي
و يدعو ( السامر )لحب عظيم يتأسس على الصدق و الوفاء و الإخلاص ، حب أصيل و خالد ، يقول سموه :
لو محبتك حلم عشت عمري منام = و نمت و الصبح يمي ما لقاله دروب
و لو غرامك هزيمة شاقي بالغرام = عشت أنا طول عمري في هواي مغلوب
و في الحب الحقيقي يكون طيف الحبيب ماثلاَ على الدوام أمام ناظري العاشق في النوم و اليقظة . يقول سموه :
طيفك معي ما فارق العين لحظة = و صمت السوالف بين روحك و بيني
قدام عيني عند نوم ٍ و يقظة = يديك ما تطلق مقاضب يديني
و للعقل الذي يتجاهله العشاق دور أساسي في الحب السامري إضافة إلى العين و القلب ، يقول السامر :
عيني و قلبي و العقل عاشقينك = شفتك و شفت الزود عن زود ظني
و يود الشاعر / العاشق أن يكون أكثر قرباَ و إلتصاقا ً بالحبيبة ، يقول سموه :
ودي إني مثل حبات العرق = في جبينك تندي بعز و وقارا
و يود للحبيبة أن تكون أكثر قربا ً منه ، بحيث تقف على رمش عينه. يقول سموه :
و الله لو توقف على رمش عيني = ما تلمح واقف على رؤوس الأهداب
فلسفة الحب :
لسمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد خطرات فكرية و إشراقات فلسفية تتبدى جلية في رؤيته لطبيعة الحب و شخص الحبيب و طبيعة العلاقة الأزلية بين الرجل و المرأة ، و لننظر إلى الإشراقات التالية المشبعة بالرؤى الفلسفية .
يقول سموه:
أحبك و الحطب روحي و حبك يا حبيبي نار = محبة كل ما صديت عني تحرق كياني
شربتك باردٍ يطفي عن الخاطر لهيب حار = شربتك فرحة ٍ تجلي بشوفي لك صدى أحزان
و تنطوي فلسفة( السامر ) للحب على نقد لاذع لسعادة الحب التي سرعان ما تنقلب إلى هم و حرمان ،يقول سموه :
أضحك و أقول إن المحبة سعادة = و سعادتي بالحب هم و حر
و هكذا لا يكتفي السامر بالنظر إلى الحب من عل، لكنه يغوص في بواطنه كاشفا ً عن أسراره و تجلياته ، و معبرا ً عن رؤاه و احباطاته و إشراقا ته في نظرة فلسفية نافذة إلى أقصى خلجات الوجدان و ناقدة لكل المظاهر السلبية .
شفافية الرومانسية السامرية و عذوبتها :
يسمو سمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد آل سعود بالحب و يضفي عليه شفافيات وجدانه النقية مرتقيا ً به نحو عوالم بيضاء و بنفسجية و خضراء .....هي كل ما يطفح به قلب سموه من مشاعر سامية و أحاسيس نبيلة .
يقول سموه مصورا ً بشفافية ٍ لا مثيل لها مشاعره الوجدانية تجاه شخص الحبيب:
لصوتك و السوالف منك واله = تعاتبني غلط و أقول صايب
ذكر قلبي بحبه ما جرى له = وهبت بالمحبة له هبايب
يا روح الروح حالي منك حالة = أقول بخير و جروحي عطايب
و هكذا تكون الرقة و الشفافية و العذوبة من أخص خصائص القصيدة الوجدانية السامرية ، و لنمعن النظر إلى شفافية أحاسيس سمو الأمير عبد العزيز المتدفقة كشلالات نور و ضياء في الأبيات التالية :
الهوى لي ما يطيب إلا معك = عن عيوني يا حبيبي لا تغيب
من هموم تجرح الخاطر دعك = الله إنه منك لا يقطع نصيب
كان قلبي ما اتسع لك و وسعك = و أنت به جرح من الفرقا عطيب
منزل بعين ٍسناها ما أطلعك = شوف غيرك عندها شكٍ و ريب
كان تسمع دق قلبي و أسمعك = نبض صادق بالمحبة ما يخيب
و لننظر إلى عذوبة البيت التالي ، يقول سموه :
كل ما ناض برق في سحاب السما = قلت هذا بياض الخد من فوق لاح
و شفافية القصيدة الوجدانية السامرية شفافية عفوية و عميقة ، تتدفق بالتلقائية و المصداقية و الحيوية ،شفافية تنفذ إلى أحاسيس المتلقي كنسائم الربيع ، شفافية تمنح إحساسا ً حميما ً و عارما ً بالدفء و الهاء ، يقول سموه :
حبك نجوم تلالا في سما عيني = و الوجنتين يغسلهل طاهر الماطر
أصالة البوح العذري:
العذرية سمة هامة من سمات الأمير عبد العزيز الوجداني ، و لا غرابة في ذلك، إذ يعتبر سموه و بحق امتدادا ً طبيعيا ً في المكان و امتدادا ً سيكولوجيا ً في الخصائص الوجدانية لشعراء بني عذرة ، هذه الميزة التي اختص بها بعض شعراء الجزيرة العربية .
بالإضافة لما تنطوي عليه شخصية سموه الاعتبارية من عراقة و نبل و جماليات بدوية فطرية .......كل هذه الأسباب جعلت العذرية سمة أساسية من سمات شعر سمو الأمير عبد العزيز الوجداني . يقول سموه :
أرجو الله يعوضني بعين الملاك = أتلذذ بشوفي للعيون النعاس
و يقول :
تسوا حياتي يا ملاك الغذارى = لا و الله أغلى من حياتي وحيه
و يقول في قصيدة أخرى :
أجمع الشوق و انثر منه شيء قليل = في عيون تشوفك يا حبيبي ملاك
مكانة الحبيب:
منح الإسلام المرأة إنسانيتها و حقوقها ، و قد انعكس ذلك إيجابا ً على إيداع الشعراء الذين أنزلوا المرأة في أشعارهم المكانة الرفيعة التي تستأهلها .
و للمرأة الحبيبة مكانة أثيرة في شعر سمو الأمير عبد العزيز الذي يقول في واحدة من قصائده الرائعة :
أشوف انك زهر روض ٍ و أشوف انك خميل ورد = معي مرة و مرة يا حبيبي بالهوى ضدي
هلا يا مرحبا بك عدما هبت نسايم نود = هلا يمدي نرحب بك أبيك تقولها يمدي
و لعل أجمل منزلة ينزل بها سموه الحبيبة هي عينه ، يقول :
دخلت النظر لا شك مالي عليك اسلوم = افرشك عين و عين فوقك تصير غطات
على شان بين العين أحطك و بين النوم = أوسدك شوفي لجل تحرم من الميقات
و يدعو سموه الحبيبة بـ (غاية الروح ) يقول :
يا غاية الروح طول الصبر مليته = راحت طراة العمر و الصبر يطويني
المناجاة و البوح
تتخذ معظم قصائد سمو الأمير عبد العزيز الوجدانية طابع المناجاة و البوح لما لها من علاقة وثيقة بروح العاشق ، يقول سموه مناجيا ً طائرا ً مر به ، و عبر هذه المناجاة يفصح سموه لهذا الطائر عن شكواه و أسرارة الوجدانية ، أي أن سموه يؤنسن هذا الطائر مضفيا ً عليه الطابع الإنساني العاقل ، و مما قاله :
يا طير كانت يوم صديت صايد = تراي سامح و انت يا طير مسموح
غلاك عندي لو تنكرت زايد = قربت و إلا بالغلا تبعد الشوح
اللي تنكر بالليال الشدايد = وقت الرخا ما من مصافاه مصلوح
و يقول مناجيا ً الحبيب :
ردني للحب جرح ٍ منك فيني = كلما ناظرت بعيونك تزيده
شفت سلطان الحسن بينك و بيني = صادني لك يا حبيبي قبل أصيده
فتنتني بك شوقها عيد ٍ بعيني = كان حسنك قلب فالسامر وريده
و يبوح السامر بأسراره الوجدانية إلى أصدقائه الخلص عله يجد لديهم المشورة و الرأي السديد .
يقول في هذه المشاكاة :
يا محمد شفت أنا ظبي غريب = و انت محزم ضيقتي في كل حال
يا سنادي ويش أخلي ويش أجيب = زاد همي من صواديف الليال
و يقول مناجيا ًسمو الأمير الشاعر سعود بن بندر ( يرحمه الله ) :
بين الرجا و اليأس يا سعود ضيعت = احترت أنا ما بين شك و غيره
الظاهر إتي من هوى النفس ودعت = حب نصر غارات حربه كسيره
و تتخذ مناجاته لشخص الحبيب في بعض الأحيان الطابع التأملي ، يقول سموه :
أجمل أيام عمري بين يوم و ليله = يوم شفتك مشاعر فرحتي بك دموع
أنت غالي ولا لي في غلا القلب حيله = زاد جرح المحبة يالحبيب القطوع
الحزن الجميل و جراح الحبيب
يتسم شعر الأمير عبد العزيز الوجداني بالحزن الجميل لارتباطه بآلام الحب و جراحاته و عذاباته ، لكن ما يلفت الانتباه هو كثرة ورود عبارات الجرح في قصائده و لو أحصينا مفردات الجرح لبلغت المئات ، إذا ً ثمة آلام حقيقية تعتمل في نفس سموه جراء الحبيب و غالبا ً ما يفصح سموه عن هذه الآلام بعبارات الجرح .
و تتعدد جراح الحبيب، و لعل أهم جرح يخلفه الحبيب في قلب حبيبه هو الجفاء و الصد ، يقول سموه :
كل ما صديت تجرحني بصدك = الجروح اللي لها وين الضمان
و يقوا أيضا ً :
إذا كان ودك تجرح القلب هيدوك = هيدوك قلبي واجرحه لا تحنه
و يقول :
والله إني من الفرقا و صدك عليل = و أكثر جروح روحي كلها من جفاك
و تزداد وطأة الجراح اضطرادا ً مع جفاء الحبيب ، و كلما طاب جرح حل جرح آخر محله ، يقول سموه :
خذني جروح كل ما طاب منها = جرح جرحته واحدٍ عنه ثاني
وتكون الجراح أيضا ً بسبب غياب الحبيب ، و قد تكون بسبب نزقة الذي لا مبرر له ،يقول سمو الأمير عبد العزيز في قصيدة أخرى :
أبشرك جرحي اللي طاب = ما هو الأول ولا التالي
جرح لفاني مع الغياب = قبل أمس يا الصاحب الغالي
أنهج لك بالمحبة باب = في مهجتي منزلك عالي
الجرح له ما حسبت حساب = و ما هوب يطري على بالي
و أكثر جروحك بدون أسباب = و عندي ترى مرها حالي
و قد يتخذ جرح الحبيب شكلا ً أكثر رومانسية ، عندما تكون أداته العيون السود ، يقول سموه :
آه من جرحك اللي كيف عيا يطيب = أثر جرح العيون السود يبطي نجاحه
يوم غارت عيونك طحت منها صويب = غارة ما بها لطراد خيلك مساحة
و أحيانا ً يكون للجرح نزيف واحد ، حيث يكون جرح الحبيبة امتدادا ً لجرح الحبيب ، يقول سموه :
أجرحوا قلبك ..... و أنا قلبي جريح = من جروح فيك يا بدر التمام
و ما دامت هذه هي الجراح التي تخلفها الحبيبة في قلب العاشق ....ما هي إذا ً أدوية هذه الجراح ؟ .. السامر هنا يتصور علاجات ناجعة لجراح الحب منها ( همس الحبيبة ) الذي يراه السامر شفاء ً ناجعا ً لجراح القلب .
يقول سموه :
الهمس يشفي بالجفا قلب مجروح = دوا الجروح بهمس طيف ٍ يجيني
و أحيانا ً يطلب السامر من شخص الحبيب مداواة جراح عشقه على نحو أقل وضوحا ً دون أن يحدد طبيعة و شكل هذه المداواة ؟
يقول سموه :
داو الجروح الخضر يا طيب الفال = خطر ٍ علىّ مخطور أ،ا من خطرها
و هكذا يظهر سمو الأمير عبد العزيز في قصائده الوجدانية متأثرا ً و على نحو بالغ الحساسية بمواقف الحبيب و تصرفاته مفصحا ً لنا عن كامل جراحات وجدانه النازفة و دماء عشقه الخضراء .
يقول سموه في خطاب وجداني بالغ الحساسية و عميق الانفعال و واضح الشكوى :
آه من حبك اللي جار جورٍ عظيم = كل ما قلت يا ستار جرحك يزيد
الضرر صابني من جرحك اللي قديم = ما لحقني ضرر جرح الحبيب الجديد
و هكذا يكون سموه أمينا ً لوجدان العاشق على نحو ٍ شديد الوضوح و التأثير و الحميمية ، هذه الأمانة التي تفصح و بصراحة عن جراحات الحب مثلما تفصح عن صبابته و مغامراته و أسراره .
الليل و سهر العاشق
الليل هو صديق العاشق الأزلي و صديق الشاعر كذلك .... و صديق الحزانى ... يبثونه شكواهم و نجواهم .
و يحتفي السامر بالليل و السهر في أشعاره الوجدانية ، يقول :
الأمل ولع بيأسك و احترق = و الظنون بسكة اهمومي تباري
حالك أشوى بس حالي ما فرق = في ظلام السهد سامرت الحيارى
و يحلو السهر عندما يكون وجه الحبيبة و طيفها القمر الذي ينير ليل العاشق .
يقول السامر :
انتي قمر ليل ٍسهرنا عتيمه = كل النجوم بطلعتك ما لها حال
يا شمس من يقوى يرد الظليمه = قمرا ً و لكن ليلها البكر ما طال
ويقول أيضا ً :
لا توريني القمر و انت القمر =نور خدك مثل نوره في الظلام
و هكذا يكون السهر و منادمة الليل هما قدر العاشق ، يقول سموه :
و اعذب النواظر كل ما الليل جا = يصبح الصبح طرفي ساهر ٍ ما يبات
أحسب أنك ذرى لي و أحسب أنك حجا = و منك يا ظالمي و شلون أدور نجاة
ارحم عيوني اللي طرفها ما سجا = بالمنام و تهنا يا عيون المهاة
عتاب الحبيب
شعر سمو الأمير عبد العزيز الوجداني شعر رقيق العبارة لطيف الإيحاء رشيق المعنى لا قدح فيه و لا ذم ، و لكنه ينطوي على أبيات كثيرة فيها عتاب مباشر أو غير مباشر ، صريح أو ضمني لشخص الحبيب .
و تتعدد أسباب العتاب ، و في الشواهد التالية ستتضح لنا صور متعددة من عتاب سموه للحبيب .
و في الأبيات التالية يظهر سموه خيبة أمل واضحة من الحبيب الذي يمضي ليله ساهرا ً محتفيا ً به بحبور ، و يتعهد سموه بهجره و تركه ، يقول في عتاب شجي و مؤثر :
هذاك أول عليك أسهر و أغني = و عيني ما تنوم الليل كله
أظن ظنون بك و أخلفت ظني = و ظني فيك ما صار بمحله
خذن أيام حبك ما عطني = و لا حكمت في فرقاك زله
خلاص اليوم عفتك صدّ عني = أشوف إن اللقا عيني تمله
وفي بعض القصائد يحتد عتاب سمو الأمير عبد العزيز لشخص الحبيب على نحو أشد حدة و انفعالا ً .
يقول في قصيدته ( بعتني برخيص) و التي يدلل عنوانها على مضمونها المعاتب :
بعتني برخيص لو مشراك غالي = ما يساوي حبنا جرح الضمير
لا تذكرني بوقت قد مضى لي = لا نسيت اللي مضى جف النظير
و يضيف مبينا ً أسباب عتابه :
أحسب أنك بالهوى لي رأس مالي = و أحسب إن الحب مالي به خشير
بيم مر و بين يا غدار حالي = انكشفت لي بالهوى شيء ٍ كثير
ثم يبرر عتابه بقوله :
العتب جايز على وقت ٍ حرى لي = يوم عمري راح مجهول المصير
قلبك اللي بالهوى داله و سالي = انكره قلب من الفرقا خطير
الضنى ما بيه يا سود الليالي = لو يصير أنعم من سلوك الحرير
وقتي اللي راح لا منه طرى لي = أعرف إني فاقد ٍ شيء ٍ كبير
و من خلال العتاب الوجداني يفصح السامر عن مآخذه على الحبيب ، يقول في قصيدته ( آسف) :
آسف ترى مالك بقلبي مكاني = دور و تلقا لك عشير ٍ يصافيك
و لا بد ما تلقا من الناس ثاني = و إلا فأنا قلبي معزم و جافيك
أول قدم رجلي يسوقه حناني = و اليوم قلبي لو أنا أبيك ناسيك
ثم يبدأ بمعاتبة نفسه ، قلبه على وجه الدقة لإسرافه في بذل الحب و الوداد و الهيام لحبيب تنكر لكل هذا الحب الكبير ، يقول سموه في نبرة مغلفة بالندم و الأسى :
يمكن يكون أصل الخطأ من زماني = هاك السنة يوم إن قلبي شقا فيك
خليتك أغلى كل قاصي و داني = و كل درى إني هايم فيك و أغليك
هذاك قبل تخونني و تعصاني = و اليوم مالي بك و لا لي بطاريك
و إزاء غدر الحبيب لا يتردد السامر عن حجب مشاعره عنه ، يقول :
علموه إني بري ٍ من هواه = عفت حبه ما على بالي طرى
من ةهواي اليوم مقطوع ٍ رجاه = عيني لقدام ما ترجع ورا
عنه قلبي منه محجوب سماه = بالغيوم اللي منا شيها سرى
و في قصيدته ( لا تعاتبني ) يطلب السامر من الحبيب ألا يعاتبه أبا ً لأن حبه انتهى من قلبه .
و تكشف لغة العتاب السامري عن شفافيات مرهفة ، يقول :
لا تعاتبني و لا ترجي خضوعي = انتهى بي حبك الكاذب بلاش
الهنا ما تستحي منه الدموعي = و الأسى لعيونك الخجله فراش
و يقول أيضا ً في قصيدته ( حبك نسيته ) :
وش فايدة قولتك ليته و ليته = كل الغلا قلنا غليه السلامي
من دفتري لا شفت اسمك محيته = ما عاد لك طاري بصفحة غرامي
العام لو إنك عطيت و خذيته = ما كانت نهاية غلانا خصامي
و هكذا يميل سمو الأمير عبد العزيز في قصائده الوجدانية إلى العتاب الصريح و المباشر الذي يلامس انكماش النفس على مشاعرها المجروحة جراء غدر أو نزق أو عدم وفاء الحبيب .
نقد العذول
في كل حكاية حب ثمة عذول يحاول جاهدا ً قطع حبل المحبة بين المتاحبين لغاية دنيئة في نفسه ، و ذلك يتبدى جليا ص في قصائد الشعراء الوجدانية .
و في الأبيات التالية يرفض سمو الأمير عبد العزيز الدور السلبي و الطفيلي للعواذل قائلا ً :
تحترق نظراتهم بينك و بيني = العواذل ما لهم معنا حقوق
رحلوني للشكوك من اليقيني = و المحبة عين و الأشواق موق
قل لعذال الهوى وينك و ويني = سقت نفسي للهوى و الحب سوق
و للعذول أسماء متعددة منها ( اللائم ) و (أهل الهرج ) ، كما يوضح ذلك سمو الأمير عبد العزيز في البيت التالي :
سعو بيني و بينك أهل الهرج بالتنكيد = و أنا فيك ما طاوعت يا زين هرجه
و لا ينساق سموه و هو السامي كصقر في عليائه إلى أهل الهرج من العواذل لأن هدفهم وأد الحب الجميل في مهده .
و رغم كل هذا الحذر الكبير من العواذل إلا أن أحدهم ينجح في جعل الحبيبة تصد عن حبيبها ، الأمر الذي يدفع سموه لأن يقول :
و عذول حبي لك عسى الله حسيبه = خلاك تجفاني و أنا مثلك أجفاك
و أول جروحي في ضميري صعيبه = و الثانية أضنت بها الروح يمناك
و تكثر شكوى السامر من العواذل الذين لا يرحمون أحدا ً ، يقول في قصيدته ( مجروح العيون ) :
و العواذل ....كلهم ما يرحمون = و لو يصيح المبتلي ما له مجيب
رؤوسنا بالحب فوق ..و ما تهون = و ما لقيت اللي يقول إني مصيب
و إزاء هذا الحضور الطاغي و الكبير و المشؤوم لعواذل الحب يحرص سموه دائما ً على تحذير حبيبه من العواذل ، يقول :
و احذر حكي عذالة الحب يغويك = عساك تصحي للحكي ما يطوفك
اللهفة و الشوق و الوصل و الفراق
شعر سمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد الوجداني شعر تكتمل فيه المواصفات المتعددة لقصيدة الحب من حيث المضامين و الأساليب الفنية و الحساسية التعبيرية و المفردات و التراكيب و الرؤى ، وبالتالي فهو شعر يحتشد باللهفة و الشوق للحبيب و الحلم الأزلي بوصال ٍ لا يعكره غياب أو فراق .
و غالبا ً ما يستهل السامر قصائده الوجدانية بالتعبير عن لهفته العارمة لشخص الحبيب . يقول مستهلا ً قصيدته \" كل ما ناظرتني \" :
ودي أشبع منك شوف و ما حصل لي= كل ما ناظرتني ضاعت علومي
و مثلما يستهل السامر قصائده الوجدانية باللهفة إلى شخص الحبيب يستهلها أحياناً بالشوق الذي يزلزل كيان
الحبيب و الحبيبة معا ً ، يقول سموه مستهلا ً قصيدته \"خمر الأرياق \" \"
أشتاق لك و كلمك كل ما اشتاق = عنك الثواني كنها شهور و سنين
عليك قلبي من ضنا الشوق خفاق = أبيك لكن وين دارك و أنا وين
أي و الله أحبك و حبك فا الأعماق = و قصايدي بك للمفارق عناوين
و لنمعن النظر مستمتعين بفخامة صور الحب السامرية ، يضيف السامري قائلا ً :
في حضن عيني صورتك كل ماراق = طيف يجيبك من خفا الروح للعين
طيف يونس وحشتني كل ما ضاق = صدري من الفرقا و بعد المحبين
و يكون الوصل تتويجا ً للشوق و نتيجة طبيعية له ن فهو الذي يبرد مكابداته لهيب الأشواق كلها ، يقول السامر :
يا جرح قلبي ويا غاية مطامعنا = متى تبرد لهيب الشوق بعناقك
الهجر يا مجدد الأشواق لا يعنا = و ظلام يأسي يزيحه نور برّاقك
و يلعب غياب الحبيب دورا ً تصعيديا ً كبيرا ً للأشواق الأمر الذي يضرم نيران الوجد ، يقول سمو الأمير عبد العزيز :
عشت بنعيم الحب لا شك مادام = تقطع أسباب الوصل منه تالي
الله على غيب الليالي و الأيام = لا فرقت غالي من عيون غالي
يمكن تلاقيني و ألاقيك قدام =و تصفي مشارب ظالمات الليالي
و يقدم سموه وصفاً دقيقا ًلآلام الفراق ، يقول مخاطبا ً الحبيب :
ليتك تجرب من الفرقا معاناتي = مره بعمرك و تعرف قدر حبيلك
حبيس كثر الشجون وهم الآهاتي = و أسرار دمع تبلل منه منديلك
ولا يمكن مجابهة الأثر الفادح لغياب الحبيب إلا بطلب الوصل ، يقول سموه :
عسى الله يمدد بالوصل يمكم و يعيد = على شان نفسي منك للوصل محتاجه
وهكذا تكتمل رباعية اللهفة و الشوق و الفراق و الوصل و تتناغم على نحو وثيق ليبدع السامر أجما قصائده الوجدانية .
التوسل للحبيب و كبرياء العاشق
التوسل للحبيب و كبرياء العاشق ثنائية العشق الأزلية يجسدها سمو الأمير عبد العزيز في شعره الوجداني :
و يتسامى سموه بخطاب التوسل مضفيا ً غليه سمو روحه النبيلة بامتياز فيغدو أقرب ما يكون للرجاء.
يقول سموه :
كيف ما تمنع الللي من جروحك مريب =خف من الله لا تقسى و تأخذ سلاحه
في عيونك سجين الحب ما له مجيب = ليت رمش العيون السود يطلق سراحه
و يقول أيضا ً :
و لأمرك سمعنا يا حبيبي و طعنا = خذ ما تبي بس أصدق الحب هاته
و لكن عاطفة السامري المتدفقة نحو الحبيب رقة و عذوبة و لينا ً لا تمنعه من المباهاة بكبريائه و شممه و شموخه ، إذ ما فائدة الحب دون العز و رفع الرأس.
يقول السامر مباهيا ً و مفاخرا ً رفعة و سموا ً:
علمني الوقت رفع الرأس و الهامه =لا ...ما أشرب الحب ذل و ينحني رأسي
نفسي على العز عزاقه و جزامه = لا خير بالعشره اللي ما لها ساسي .
و هكذا يحفل شعر السامر الوجداني بكبرياء العاشق الذي يزيد الحب تألقا ً و جمالا ً و نبلا ً و يرتقي به نحو المعاني السامية و المقاصد النبيلة .
الغزل العفيف
يعتبر الغزل من أهم أغراض الشعر العربي قديمه و حديثه . و لسمو الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد باع طويل في هذا المجال ، حيث نلحظ بوضوح طغيان الحالة الوجدانية في شعره عموما ً . يقول الأديب و الباحث عبد الله الزازان في مقدمة ديوان السامر :
(( برع الأمير عبد العزيز في الغزل و أدخل عليه أساليب و طرائق جديدة ن و قد عده النقاد أول من طور الغزل الوصفي و قد وظف الاستعارة و التشبيه توظيفا ً حسنا ً كشاعر فتن بالخيال فأضاف التشبيه على القصيدة جمالا ً و إبداعا ً )) .
و يقدم الباحث الزازان شواهد رائعة على ذلك ، منها قول السامر :
قلت الله الله ميت فيك بالحيل = مختال شوفي حار بيني و بينك
و بين الرموش اللي وقف عدلها ميل = و عبث ٍ تنثر فوق صافي جبينك
تلقاني أكتب لك قصيدي من الويل = يبحث خفى قلبي على الناس زينك
أرسمك ضي يقهر الجدي و سهيل = و أسلمك كل النجوم بيمينك
أنواع غزل السامر
يعتمد غزل الأمير عبد العزيز اعتمادا ً كبيرا ً على وصف الحالة الحسية لما يكون عليه شكل المرأة الحبيبة و بذا يكون للغزل الوصفي حضورا ً كبيرا ً في شعره الوجداني ، دون أن يقلل ذلك من حضور الغزل المعنوي ببعديه الجمالي المعنوي و العذري :
1- الغزل الوصفي :
يتركز الغزل الوصفي على وصف محاسن المرأة الحبيبة و كثيرا ً ما يفصل سمو الأمير عبد العزيز تفصيلا ً شاملا ً في وصف مختلف معالم المرأة الحبيبة ، يقول سموه :
شفت السواد ينادي بعينك الليل = هي من سواد الليل و الليل منها
و بين الرموش و بين عينك تعاليل = سوادها يضفي عليها كفنها
الشمس من جيدك قليلة محاصيل = ما هيب و امنته و هو ما و منها
و الروض من خدك شكى الظلم و الويل = مقهور من ورد ٍ خدودك زبنها
و يقول في قصيدته ( عاصي الشوق ) حيث تظهر بوضوح انسيابية الغزل الوصفي :
الشعر فزع رموش العيون الوساع = و ادمعت عين ٍ و عين ٍ تسمي عليه
بين خدك و بينه مثل وهج الشعاع = كلما داعب الورد الحمر ذاب فيه
وقتها شفت حالات الغلا و الضياع = كن عينك تبيه و رمشها ما يبيه
عاصي الشوق شاف الجيد فارغ و طاع = سوبه من عذاب الحب ما تشتهيه
و يتميز الغزل الوصفي السامري برشاقته و تلقائيته و عذوبته و ترابطهو كثافته و شفافيته ، و لننظر إلى براعة سموه الفائقة في تكثيف الوصف الغزلي في هذيت البيتين دون أن يخل ذلك بجمال الشعر و قوة بنائه ، يقول سموه :
ضيف العين شوفي لك يطيب المقام = بين جيدك و خدك للخلي الجريح
لأجلك العام الأول صرت أحب اللثام = حدر رمش ٍ ظليل ٍ و فوق خد ٍ مليح
و يظهر سموه في غزله الوصف الشامل تواترا ً أخاذا ً يتراءى لعين النتلقي كلوحات متتابعة متناسقة ، و لمنعن النظر إلى هذا الاسترسال المتقن و الجميل :
يا عين ما ترحمين المجاريح = اللي مشاعرهم غرامك جرحها
و يا شعرها لا تنثني لي مع الريح = صورتك طول فراقنا ما مسحها
و يا جيدها المنتوق لا تغري مريح = عينه قبل شوفتك صد و نصحها
و يا قدها خفف تثنيك لا أصيح = صيحة نفوس لوعت في فرحها
رمشك يلمح لي بالآمال تلميح = و اليأس نفسي قبل أشوفك ذبحها
2- الغزل المعنوي ( العذري ) :
درج الشعراء العرب و منذ عصر شعراء بني عذرة على غزل عذري عفيف المقاصد ، شفيف الإيحاء ، يلبي اندفاعات الحب العذري و يشكل مظهرا ً تعبيريا ً و وصفيا ً له .
يقول سمو الأمير عبد العزيز :
اجمع الغرّه و رجّعها جميع = لا تخليها على وهج الشعاع
لأجل نور الخد فيها عيّا لا يطيع = يا عيون ٍ ما خذتني للضياع
كيف نشري بالهوى العف و نبيع =و الغلا مثل الضماير ما يباع
و عبر الغزل العذري يفصح سمو الأمير عبد العزيز و بجلاء عن صفات الحبيب المعنوية و الروحية و الجمالية وفق إطار عذري صوفي .
إن الغزل العذري يكرس جماليات أخرى للحبيبة غير ظاهرة لحاسة البصر و لكن الروح تلتقطها و يحتفل بها القلب و يتغنى بها الشعر ، يقول سموه في مناجاة صوفية :
عظيم من عظم الحسن في جمالك = سبحان من صورك زاهي و فتان
غيرك عصاه الحسن و أنت اهتدى لك = أصبح لك أطوع من هو قلب و لسان
الأوله يوم ابتدأ الخلق جالك = نفح ٍ من العنبر و روح ٍ و ريحان
و يتوج سمو الأمير عبد العزيز غزله العذري باستلهام سير و قصص الحب العذري ، يقول في نفس ٍ عذري يذكرنا بشجوات جميل بثينة و كثير عزة :
خدها مثل القمر يجلي الظلام = يجذب المغرم سواد عيونها
يوم سلمت ابيدي رد السلام = كنها ليلى و أنا مجنونها
من تولع في هواها ما يلام = جعل نفسي ما تخيب ظنونها
عقبها عيني جفت حلو المنام = من سهرها بيحت مكنونها
صوبتني و اعدمت روحي عدام = ليتكم عن ظلمها تنهونها
سمات و خصائص قصيدة الغزل السامرية
تختص قصيدة الغزل السامرية بعدد من السمات و الخصائص منها :
1- وصف الجمال العربي التقليدي :
يعتبر وصف معالم جمال المرأة العربية التقليدية سمة هامة من سمات غزل السامر و من ذلك تشبيهه المرأة بالمهرة ، يقول سموه :
خلها تلعب مثل لعب الفرس = لا ربح عن دربها من ردها
مهرة بعاتقها جرس = مثل غصن البان ثنية قدها
و تشبيهه عيون المرأة بعيون المهاة و هو تشبيه كلاسيكي دَرَجَ عليه الشعراء العرب منذ أمد بعيد ، يقول سموه :
أتلفتني نظرة عيون المهاة = و عشت منها يا محمد في كبد
اندوشت و قلت يا الله الثبات = يا الله إنك ترزق السامر جلد
كذلك فقد تغزل سمو الأمير عبد العزيز بالرمش على عادة الشعراء العرب القدامى ، و لننظر إلى هذه الصور البديعة التي تصور الرمش على ورد الوجن يكتب حروفا ً عندما تستلهم العين :
رمشه على ورد الوجن يكتب حروف = لا سلهم بحور العيون الفتونه
و كذلك يؤثر السامر العيون السوداء ، يقول سموه :
طحت في حب العيون السود كلي = و من عثر في رمش عينك ما يقومي
و يشبه السامر إطلالة المرأة بطلعة القمر أو البدر استلهاما ً للتراث الشعري و القاموس الجمالي العربي ن يقول سموه :
طلعة البدر عيني غلقت في بهاك = يا عيوني ويا مناي و هواي
و يقول أيضا ً :
لا توريني القمر و إنت القمر = نور خدك مثل نوره في الظلام
2- شفافية الغزل و فخامته :
يقول الأديب و الباحث عبد الله الزازان : ( ينظر نقاد الشعر إلى أدب الأمير عبد العزيز على أنه البداية الحقيقية لظهور الوصف الجمالي ، و لعل ظهور هذا الفن الجديد يعود إلى تفانيه في خلق الأفكار الجمالية ، و لذلك فإنه يعد مجددا ً للبناء الجمالي في الشعر ).
يقول سموه في شفافية آسره تفيض روعة و جمالا ً :
الله عطاني و كثر ما بها منه = حورية الحور نور الروح و عيوني
ما أحلا دلاله و ما أحلا بالغلا فنه = إن راح عني على ما راح و دوني
و يقول أيضاً :
ناظر قدام حسنك ينحني = إن رفعت الشوف عود ما قوى
و يمزج السامر مزجا ً متقنا ً بين دقة التصوير و الوصف و فخامة المفردات الغزلية التي يختارها بحرفية مهندس بارع ليشيد منها غزلا ً فخما ً و شفيفا ً و ساحرا ً ، يقول سموه :
خذيت الحسن كله ما بقى للغانيات أقسام = عليك الله أكبر حقهم ما فضلت يمناك
أشوف الحسن بك يختال في عيني و قلبي هام= أهيم برمشك الفتان و نور الجيد يا فتاك
على عرش الهوى و الملح ربي كملك بوسام = وسام المنطق الباهي على كل الحكي يزهاك
أبفرش لك حرير الشوق أبيك تسير الأقدام = على دربي و بأفرش لك ورود الحب في دنياك
و تنطوي القصيدة الغزلية السامرية على سمات فنية و مضمونية و أخلاقية و جمالية كثيرة لا حصر لها .