تعتبر قصائد المساجلات ظاهرة معروفة في سياق الشعرية النبطية القديمة و الجديدة و المبدأ في قصائد المساجلات أن أحد الشعراء يوجه قصيدة ما إلى شاعر آخر ، فينبري الثاني للرد عليها . و قد تتضمن المحاورة مشاكاة أو رسالة ما أو لغز ما .
و يظهر سمو الأمير عبد العزيز اهتماما ً كبيرا ً بقصائد المساجلات و قد حاور عددا ً من الشعراء الكبار نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : مرشد البذالي و راشد بن عيسى بن سليمان آل خليفة و أحمد الناصر و محمد بن راشد آل مكتوم ..... إلى آخره .
يقول الشاعر و الباحث عبد الله الزازان : \" كانت محاوراته للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم و محاورات الشيخ له ملاحم شعرية تقرأ فيها الشعر بصورة و فنونه \" .
و من مساجلات الأمير عبد العزيز نورد قصيدته (( الطير )) كاملة ورد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عليها .
يقول سمو الأمير عبد العزيز :
أشقر في صيدة البرقا غرامه = طبع أبوه اللي لقاها بالمفالي
زام غيره قد خذه في ردن زامه = من يتل السبق يلحق ما يبالي
تل سبقه و انتهض عجل انصرامه = فوق ست و ما بقى للست تالي
كن برق الريش برق في غمامه = ضفها ضفة حبيب ضف غالي
طير لكنه خلف مرفوع هامه = دجر كن الشمس لغيونه ظلالي
جعل هاك الوجه تبراه السلامه = يوم شفته بالنواظر طاب فالي
و بعد نشر قصيدة الأمير عبد العزيز هذه رد عليها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه القصيدة :
شقت در الشعر بسطور اليمامه = من أمير عالي المقدام غالي
يوصف الحر الذي جبره عظامه = أشقر يجناه محمود الفعالي
شاقني معناه و أجاري و لامه = يوم ذكرني بشيء قد مضالي
فكري اللي حام و ابعد في حيامه = و التهم ماضي قضت دونه ليالي
خذ مع الهاجوس سجه و انسجامه = و ما طرا للسامر البارح طرالي
ذكرني بالذي لي له علامه = يلحق العاند و يثني بالتوالي
يبهرك بالصيد لا من دار زامه = لا يصد و لا يرد و لا يبالي
خربك اللي راح يا محلا أودامه = لفها لفت عدو للزوالي
من جنا مثله فلا شاف الندامه = ما يضوي لو قليل الصيد خالي
دوم في وجهه تشوف الإبتسامه = يوم غيره ما الكدر ما هوب سالي
و الشرود اللي تبي بر السلامة = ما صبحت عقبه بربع الصيد فالي
لي يخلي الريش ع مطلع كتامه = كارثاث الثلج لا غطا الجبالي
أو كما ردم الجراد اللي زمامه = و افترق وقت المساء يبغي المفالي
كم مزموم رقينا في زمامه = و كم شرفنا بعاليــه التلالـــي
و روضة فيها مقادير الوسامة = قفرة مــــا داسها غير الغزالي
و هكذا برع السامر في أشعار المساجلات مثلما برع في سائر الأغراض و المضامين الأخرى مانحا ً إياها نفسا ً شفيفا ً و إيقاعا ً جديدا يعتمد على صدق المحتوى و عمق المؤدي .
يحتفي سمو الأمير الشاعر عبد العزيز بن سعود آل سعود احتفاء حميما ً بالأمكنة التي كانت مراتع طفولته و صباه و هي في الوقت نفسه تمثل مدن و ربوع وطنه المملكة العربية السعودية .
و تحتل ( الرياض) عاصمة المملكة مكانا ً أثيرا ً محببا ً في نفس سموه الذي يقول في وصف مجدها و عظمتها :
يا رياض العواصم و الفكر و الثقافة= نشربك حب أطهر من غدير السحاب
كان في حب مجدك يا وطنا كلافه=لأجل تسعد نرحب بالشقا و العذاب
مجد كل العواصم باصم باعترافه= عن سماك الثقافة مجدها ما يغاب
و يكن سمو الأمير عبد العزيز مشاعر دافئة إلى منطقة نجد تلك المنطقة الحميمة و العريقة في تاريخها و تراثها و مجدها .
يقول سموه في وصف ربوع نجد :
ما مثل نجد اللي صفالك بالإقبال = روض من الجنة تداعج نهوره
إن جاد حظك و استوى لك بمنزال = موج تلاطم بالمعزة بحوره
إن جاد نجد أرقى على رأس ما طال = و إن شان نافق للعدا لا تعوره
و يقول سموه في مدينة تبوك :
تبوك يا عرش الجدي حبك أغرا = روس الرجال اللي بعزيك يباهون
تبوك لك من نجد الأبطال مسرا = ليل صباحه بأصدق الحب مقرون
فيك القصايد بالقوافي تمدرا = تختال مدح فيك يا درة الكون
كن النجوم بصفحة الليل تقرا = تاريخك اللي عن معاديك مصيون
و لا يقتصر المكان في شعر الأمير عبد العزيز على المدن وحدها ، بل يتضمن بحار و صحارى و سهول و جبال المملكة العربية السعودية .
و لننظر إلى جمال الطبيعة الأخاذ الذي يصوره لنا سموه في الأبيات التالية :
الشمس تكسي عاتق البحر شرطان= مذهب كن الشعر منه مخلوق
تهدي على صبح البحر طيف الألوان =و كف البحر ممدود و كفوفها فوق
بهذه الصورة الرائعة يقدم لنا سمو الأمير عبد العزيز أبهية المكان و ما يعبق به من تاريخ و تراث و أمجاد و أحداث ،و ما يثيره في النفس من مشاعر و ذكريات و حنين .