شكل الرثاء غرضاً هاماً من أغراض الشعر العربي التقليدي والشعر الشعبي العربي على اختلاف أنواعه ومسمياته . وفي قصائد السامر الرثائية نقف على دفقات شعورية وجودية شديدة التأثير هي محصلة طبيعية لأحزان السامر جراء فقد الأحبة والأقارب . والرثاء جانب هام من جوانب الكشف عن جوانيات وخلجات ومكابدات النفس البشرية جراء وفاة الأحبة وفقدهم .
ولعل الرثاء الساامري لا يقف عند حد الرثاء البيولوجي أي رثاء الوجود المادي لشخص الفقيد بل يتعداه
إلى رثاء أعمق فأعمق هو الرثاء المعنوي الذي يتضمن سجايا وشمائل وقيم ومآثر ومكارم الفقيد .
ويتجلى هذا الرثاء العميق والكبير في مرثية (( السامر )) لخاله صاحب السمو الأمير عبد الله بن محمد بن سعود الكبير (( طيب الله ثراه ))
يقول سمو الأمير عبد العزيز في قصيدته الرثائية الشهيرة (( رضيت بالمكتوب ))

أبو فهد طير السعد طير حوران = اقفى وحال الياس دونه ودوني 


مرحوم يا راعي الوفا يا خو سلطان = يا دموع العسرة لأهلها تهوني 


مرحوم ياللي للرجاجيل ميزان = شايل عن المعسر ثقيل الديوني 


مرحوم ياللي ما حد منك زعلان = تصحك وبعض الناس ما يضحكون 


مرحوم ياللي ما بعد قيل غلطان = وله هيبة عنها الملا يصروني 


يا داخل المسجد قبل وقت الأذان = ياللي بك أمجاد العرب يفخروني 


بيته من الناس ضايق ومليان = ناس تروح وناس به يدخلوني 


يا كثر ناس ترتجي منه الإحسان = وقت رمضان لعادته يرتجوني 


مع موتته ماتوا ضعوف ويتمان  = وناس تشيل من الزمان الغبوني 


أبو فهد للطيب والمجد عنوان = واللي مشوا مع طرقته يتبعوني 

ويختتم سمو الأمير عبد العزيز قصيدته الرثائية بقوله

الخال عبد الله حصان الأطايب = الله يرحم محتمين الدبايل 


يا الله يا المطلوب يا عالم الغيب = عساهم بجنات ظل وظلايل 

ونلحظ امتزاج الدجفق الشسعوري ارثائي بتالمديح في كافة مرائي الأمير عبد العزيز لذي يقول في رثاء جده الأمير عبد العزيز بن سعود بن فيصل آل سعود ( يرحمه الله )

يا بوي ما توفيك زرف الدموعي = ولا مشاعر خاطري وحتدامه 


ولا علامالت الأسى في ربوعي = بوجيه بيض حطها الحزن شامه 


يا بوي  مجدك من فراقك جزوعي  = جزوع يا شيخ رفيع مقامه 


عزاي منك بمنورات الشموعي = قوم يعشقون الشرف والشهامة 


مرحوم يالحر الشجاع البتوعي = مرحوم عد الممطرات بغمامة 

وعندما انتقل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ( رحمه الله ) إلى جوار ربه في صبيحة يوم الاثنين 25 جمادي الآخرة 1426 هـ الموافق 1 أغسطس 2005 كتب سمو الأمير عبد العزيز أهم قصائده على الاطلاق في الرثاء . فقد أدرك بحسه الشعوري المرهف أن رحيل الفهد خطب جلل ألم بالوطن من أقصاه إلى أقصاه , لأن الراحل الكبير ( رحمه الله ) ساهم مساهمة فاعلة في تطوير وتحديث المملكة في مختلف المجالات . ويبدو خطاب السامر الرثائي شديد الحزن والتأثير في نفس المتلقي
يقول في قصيدته (( حي ما مات )) :

لو الحزن بحر تلاطم نحاياه = مده وجزره فاق كل المحيطات 


قالوا على فهد العروبة صفا ماه = أمطر سحاب الحزن هم وعبرات 


الهم واهج شمس الأحزان تصلاه = ومدامع عيون الخلايق غزيرات 


ولو البكا رجع اللي فقدناه = هلت مدامهنا على كل الأوقات 


نبكي على راس عزيز دفناه = وعليه حطو باللحد سبع لبنات 


من يوم ودع يوم الاثنين دنياه = ودموعنا ذرف على الخد زافات 

ويقول سمو الأمير عبد العزيز في قصيدته الرثائية المؤثرة ( الله يبيحه ) :

الدمع لو ينزف على الدمع محذور = لو ما يجف الموق طول الليالي 


عليك يا ناقل عنا الهم والجور = عن  يعرب الإسلام كل حالي 


حتى لو يغرق بها زامي الطور = على فهد ذرف المدامع حلالي 


تكسرت عبرات الأحزان بصدور = خلق الله المسـلم جنوب وشمالي 


فهد منار الفضل والعز والنور = رافع لواء الإسلام من فوق عالي 

وهكذا تبدو مراثي الأمير عبد العزيز بن سعود شديدة التأثير في نفس المتلقي كونها مراثي صادقة نابعة من قلب مكلوم وعاطفة مكبوتة بنيران الفقد ولوعات الغياب الأبدي . وهذا ما يجعلها تلامس أدق خلجات النفس الإنسانية وبالتالي تحدث فيها أثراً لا يمكن نسيانه أبداً .