الرئيسية
الأخبار
|
أخبار السامر " ساس الزعامة " عمق الرؤية وجمال التشكيل |
\" ساس الزعامة \" عمق الرؤية وجمال التشكيل
1429-03-22 09:27 PM
بقلم : جبريل إسماعيل السبعي عندما تقرأ شعرا لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن محمد بن عبد العزيز آل سعود ، تغمرك الغبطة ، ويأخذك الدهش ، بما يتكشف لك من رؤية تستبطن الحياة ، وتتمثل التجربة ، لتصهر عناصر تشكيلها ، فتسبغها بالطابع الجليل ، ونص " ساس الزعامة " الذي كان أهداه سموه لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز آل سعود ، يهنؤه على ما من الله به عليه من الشفاء والسلامه إثر العملية التي أجراها في باريس ، هذا النص كانت لي معه وقفة عايشت خلالها مستوى فني استحق معه النص ، وما زال يستحق أكثر مما كتب عنه خلال هذه الأسطر . يأتي نص " ساس الزعامة " كلوحة يرسمها فنان ، اتخذ العالم خلفية ، يجسد عليها الإنسان من حيث هو قيمة ، وليس في الحقيقة غير الإنسان يمكن أن يسمو على كل شيء ، إذ هو القيمة الأعلى حينما تجمل أفعاله ، وتسمو خصاله . يبدأ صاحب السمو قصيدته برسم الإطار المكاني ، الممتد من نجد إلى باريس ، بما يحويه هذا الإطار من جمال معنوي ، ومادي ، فـ " نجد " خُصت في القصيدة بكونها " دار العز والاستقامة " إلى جانب ما يعرف عن باريس من جمال مادي محسوس ، بهذا الامتداد والسعة ، وبهذا التعانق ما بين الجمال المعنوي والمادي استكمل سموه رسم معالم إطاره المكاني ، إذ يقول : جيت من نجد دار العز والاستقامه=يم باريس مالي غير شوفك مرامي ثم بعد ذلك يُجري سموه تأسيس الإنسان ، بما هو قيمة من " الكرم ، والسماحة ، والوفاء ، والشهامة " ويأتي هذا التأسيس منسجما مع الخلفية المكانية ، حيث إن سعة المكان وجماله ، وكذا علو القيمة ، كل منهما يقتضي الآخر ، ويستدعيه : جيت أهني عضيدي بالشفـا والسلامـه=أنت أخوي العزيـز وبالشدايـد حزامـي هكذا يتأسس الإنسان / القيمة على ما هو رحب وجميل ، والملفت أن سموه إذ يرسم ذلك الإطار المكاني ، وإذ يؤسس عليه الإنسان ، فإنه يعود بالابن إلى أبيه ، وكذا يجعل الإطار المكاني يقابل " عالي الجنات " ليغدو لكل من الإنسان / القيمة ، والإطار المكاني الرحب ؛ مرجعية جمالية أعلى : من معين الفهد شرب الحزم والفهامه=ونقض حبل العظايم بالفعول العظامي وبهذا – أي بالعودة إلى المثل الأعلى - تتأسس الحركة في النص صاعدة إن على مستوى الإنسان ، أو على مستوى المكان ، وتبدو الحركة كذلك من خلال : ( سامي ، رفيع المقامي ، أعلى مقامه ، هامته ما علتها بالزمان أي هامه ، جعل في عالي الجنات للفهد إقامه ) . وإذا كان كلٌ من الإنسان والمكان والحركة قد جاء على ذلك النحو من العلو والسعة والصعود ، فالزمان نرى سموه يوليه أيضا عنايته ، إذ يطيله ، ليتآلف مع بقية عناصر التشكيل ، ثم ليستطيع استيعاب القيمة ، بوصفه ظرفا ، يجب أن يكون له من الطول ما يتناسب مع القيمة المطلقة الباقية ، وتبدأ الإشارة إلى الزمان من قول سموه : هامته ما علتها بالزمـان أي هامـه=قاصده ما يخيب ومن حمى ما يضامي إلى أن يقول : وأنت عزك يطول يابو تركـي دوامـه=ياسنا فجرنا فـي مدلهـم الظلامـي نلاحظ خلال البيت الأخير التحام الزمان ( عمرك ) بالمكان ( نجد ) ليكتمل الإطار الزمكاني الخاص . وإن المتأمل في " ساس الزعامة " ليجد فيها على سلاسة اللفظ عمقا في المعنى ، وتماسكا في البناء ، وحساسية فنية عالية ، تهيء – كما رأينا - خلفية من الزمان والمكان المتجاوبين ، سعة و طولا ، لتؤسس الإنسان على تلك الخلفية ولكن من حيث هو قيمة ، تنزع إلى مَثَلها الأعلى ، في حركة صاعدة يحدوها العز ، والكرم ، والفخار . وإن كان لي من قول فأحب أن أشير إلى جمال الشاعر ، ورهافة حسه الفني حين عمد إلى مجمل عناصر العالم ، يشكلها بما يتناسب مع تجربته ، وينفخ فيها من روحه ، لتستوي نصا أصيلا يشير بكلتا يديه إلى مبدعه " السامر " .
خدمات المحتوى
|